إسلامجية إسلامجية
في وسط وصلة الولولة على الانترنت اليوم وسط مجتمع الدولة المدنية الليبرالية، وحالة التبول اللا إرادي والنكت السخيفة والإنهيار من خطر الإسلامجية، أنا كنت في حالة من الهدوء الغريب. أحب اشارك معاكوا أسبابي في ليه أنا شايف إن مصر مش هتبقى دولة إسلامية بالمفهوم اللي مخوف الناس أبداً.
مبدئياً لو نبص على تاريخ مصر الحديث، مصر كانت في الخمسينات والستينات والسبعينات دولة متفتحة جداً وأبعد ما تكون عن التطرف الديني بالرغم من إنها كانت دولة بأغلبية إسلامية برضو. مع ظهور الغزو الوهابي لمصر – اللي اسبابه كتيرة ومعروفة ومش حابب أخوض فيها دلوقتي – ابتدت فكرة أسلمة المجتمع المصري تدريجياً. بس إيه اللي حصل؟ الشعب المصري ليه تاريخ في إنه بيحب ينبسط ويضحك ويفرفش من الأخر، فظهر الغزو الوهابي وفكرة التدين الزائد في شكل تدين ظاهري خالي من القناعة والقيم وتركز في حاجات كلها قشرية وظاهرية. اعتقادي الشخصي هو إن التدين الزائد في الأساس وهم وبدون الإنعزال داخل قشرة من التدين الشكلي – وكأن الواحد بيذكر نفسه كل لحظة “أنا متدين أنا متدين” – عمره ما هيستمر… وده بالظبط اللي حصل عند شريحة كبيرة من الطبقى الوسطى المصرية. عزلوا أنفسهم داخل قشرة من التدين الشكلي ولكن بدون تخلي عن هويتهم المصرية المتوارثة.
الفكرة إن الشعب المصري – نظراً لتركيبته المجتمعية والتاريخية والثقافية عنده رفض لفكرة التدين الزائد المبالغ فيه اللي فيه تقييد للحرية، لكن في وجود الغزو الفكري الوهابي وإنتشار البروباجندا الإسلامجية إتخلق عنده حالة من إنكار الحتة دي في شخصيته - إنكار رفضه للتدين.
حالة إنكار كتير من المصريين انهم رافضين للتدين لما فيه من ذنب بالمعنى الديني والنفسي بتخليهم يعملوا حاجات عكس بعض – بسبب إنه بيحس بواجب تجاه الدين محتاج يؤديه عشان ميحسش بالذنب ده، على أمل إن شاء الله في ال مستقبل ربنا يتوب عليه. يشرب بيرة طول السنة ويوقف في رمضان وقبل رمضان، وييجي في الوقفة يخربها، يصلي العيد وبعدها يعاكس بنات. الحجاب أصبح شئ إجتماعي أكتر منه ثقافي وغير معبر تماماً عن اختيارات البنت في الحياة. نصوم رمضان كله وفيلم زي شارع الهرم في العيد يحقق أعلى ايرادات. مبيعات بيرة ستلا أعلى كتير في الدلتا والقرى عن في المدن.
التصويت للتيار الإسلامي هو نوع من أنواع التدين الظاهري برضو – ينتخب الحرية والعدالة وفي فرحه عايز يجيب رقاصة ويرقص ويغني ويوزع على المعازيم بيرة.
طبعاً في حد هيقول طب ماهو في دول تانية إسلامية متشددة كانت في يوم من الأيام منفتحة وجميلة والحرية مكفولة وكدة – مصر تختلف إيه عنهم؟ أنا أقولك.
غير الكلام عن تركيبة مجتمعنا المختلفة والمعقدة – احنا محظوظين جداً إن الغزو الإسلامي جه بعد ثورة إتدفع فيها الدم وخوضنا فيها الحروب واجهنا فيها القمع و كسرنا فيها حواجز الخوف و تحدينا فيها السلطة.الفكرة إن عشان أي حد يحاول يطبق شريعة إسلامية متطرفة يا إما هيطبقها فورا أو هيحاول تدريجياً تهيئة المجتمع لتقبلها.
أول فرض معناه تلقائياً قمع – إستخدام القوة في محاولة لتغيير الواقع. الشعب المصري حالياً تلقائياً لن يقبل القمع بأي اشكاله. وأنا عارف في ناس هتقول إن القمع بإسم الدين قد يكون أكثر قبولاً عن قمع نظام مبارك مثلاً، لكن أنا شايف إن ده مش صحيح. الواحد بيدور على أسباب لتبرير القمع أو الظلم لما يكون الظلم ده مش طايله شخصياً، وفي حالة محاولة تطبيق شريعة متشددة الظلم هيطول أغلبية المجتمع وهيتقابل بمقاومة تتراوح من رفض الإلتزام بالقوانين المفروضة عليهم، للعنف في حالة إستخدام العنف لتطبيقها. قمع هيطول الأغلبية اللي هي في الأساس الأغلبية اللي انتخبت الإسلامجية وده في حد ذاته حافز أكتر للمقاومة عشان فيه إحساس مباشر بالمسؤلية عن خطأ انتخابهم في الأساس.
في الفرض التاني بتاع تهيئة المجتمع تدريجياً، ده هيتطلب إستمرار حكم الإسلامجية دورتين تلاتة وده مش هيحصل لأسباب واضحة جداً. الأغلبية الحاكمة في البرلمان القادم هتواجة بمشاكل ٣٠ سنة من الجهل والفقر والفساد والفشل. بغض النظر إن برامج الاسلاميين السياسية والإقتصادية ضعيفة جداً وفشلها حتمي، أنا أكاد أجزم إن أي أغلبية في البرلمان القادم هتفشل وتتحرق سياسياً للأبد. وبكدة يبقى الشعب اتعلم من اخطاؤه في أول درس ديمقراطي حقيقي وكرت الاتجار بالدين هيبقى اتحرق للأبد عشان الناس هتفهم بجد إن الشعارات الدينية مش بالضرورة تأكل عيش وتحسن صحة وتعليم.
فيا ريت نتفاءل ونحتضن الديمقراطية بمشاكلها و نبطل ولولة. وكلمة أخيرة: لو مش مستعد تشمر و تتخانق عشان مبادئ إنت مؤمن بيها وأخر الخناقة معاك صندوق بس، يبقى يا ريت ما أسمعش صوتك أحسن الدنيا مش ناقصة دوشة ملهاش قيمة
Classic. تفوقت على نفسك
مهند أنت قريت بيرسوبوليس؟ عارف طيب ثورة إيران كانت شكلها إيه قبل الاسلاميين ما يمسكوا الحكم؟ عارف مسكوا إزاي و بعد كده فضلوا مكانهم إزاي؟
ملاحظاتك عموما صح، بس مايمنعوش النتيجة اللي الناس خايفة منها.
أنت شغال على كذا افتراض مش ضروري يتحققوا:
1- إن تركيبة الشعب هتفضل زي ما هي و التدين الشكلي هيفضل على أول مستوى من الشكلية (فيه مستويات كتير).
2- إن الإسلاميين هايفشخوا الناس كلها في نفس الوقت.
3- إن البرلمان القادم هايفشل.
4- إن الناس هتربط بين الفشل ده و الفاشية الدينية.
5- إن الإنتخابات اللي فاتت و اللي جاية مش مزورين و اختيارات الناس هتفرق.
6- إن الثورة ممكن احيائها في أي وقت و تحت أي ظروف لما الحاجة ليها تظهر.
ده كده مبدئيا من غير ما افكر في باقي الزوايا.
آه الولولة على تويتر تضيق و ممكن يبقى مبالغ فيها، بس مش بلا مبرر.
و عموما يا رب يا عم تبقى انت صح و الناس اللي بتولول كلها غلط، مايتهيأليش حد هيزعل لو طلع غلطان في دي بالذات.